الجمعة 19 رمضان 1445 الموافق مارس 29, 2024
 

المحتمل Haircut أسئلة في مرمى ال

الخميس, 23 أبريل, 2020

المحتمل Haircut أسئلة في مرمى ال

https://www.aljoumhouria.com/ar/news/521092/%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D9%84%D8%...

د. سهام رزق الله (أستاذة محاضرة في جامعة القجيس يوسف – كلية العلوم الاقتصادية)

Haircut وبالانكليزية ب Decote بما أن سياسة "الاقتطاع" أو ما يعرف بالفرنسية ب

بات مؤخرا تعبيرا مألوفا حتى لو تعدد استخدامه أحيانا فير غير محلة، وهو الذي أساسا مخصّص حصريا للدين السيادي للدولة العاجزة عن سداده كاملا، لا بد من العودة الى التعريف الحقيقي لهذا المفهوم الاقتصادي لمرة واحدة وتحديد دافع وأطر تطبيقه والأفرقاء المعنيين به. ويبقى السؤال الرئيسي أي انعكاسات منتظرة عادة من الاقتطاع بالنسبة لمختلف الأفرقاء المعنيين به؟ وأي أسئلة يحملها "الاقتطاع المحتمل للدين السيادي للبنان على عتبة إقرار قانون الحد من حركة الرسميل أو ما يعرف بالانكليزية بال

؟Capital control

************************

بداية لا بد من الاشارة الى دراسة خصائص الدين العام تتطلّب هيكلية الدين العام بمعنى توزّعه بين دين داخلي ودين خارجي، تصنيف الدين السيادي وتطوّر المؤشرات الرئيسي لهذا الدين بما يسمج بقراءة استدامته وإمكانية الدولة المعنية على تسديده.

أما"الاقتطاع" فهو يرتبط بقرار الدولة غير القادرة على السداد الكامل وبأوقات الاستحقاق لديونها، مما يدفعها لطلب إعادة هيكلتها إن باتجاه اعادة الجدولة باستبدال سندات مستحقة بتاريخ معين بسندات أخر بآجال أبعد، إما تقترح الدولة المعنية على الدائنين استبدال السندات التي يحملونها بأخرى أقل فوائد فتكون بذلك "اقتطعت" من مردودها، أو تتفاوض مع الدائنين على تخفيض أصل الدين لعجزها عن سداده كاملا ويشكّل ذلك خسارة لأصل المبلغ المستثمر من المكتتبين بسنداتها. هؤلاء المكتتبون يمكن أن يكونوا أفرادا عاديين يستثمرون بالسندات على الصعيد الشخصي، كما يمكن أن يكونوا مصارف (مصرف مركزي أو مصارف تجارية) أو صناديق داخلية أو خارجية.

في ما يخص لبنان، يتم اعتماد تعبير دين داخلي عند الحديث عن الدين بالليرة اللبنانية ودين خارجي بالاشارة الى الدين بالعملات الأجنبية، وذلك خلافا للعلم الاقتصادي الذي يصنّف بالدين الداخلي الدين المحمول من المقيمين وبالدين الخارجي الدين المحمول من غير المقيمين. وبما أن قسم كبير من الدين اللبناني بالعملة الأجنبية تحديدا هنا الدولار الأميركي (اليوروبوند) الذي مجموعه حوالي 30 مليار دولار، محمول من مقيمين فهو يبقى داخليا (محمول بشكل أساسي الجهاز المصرفي: مصرف لبنان يحمل 5.7 مليار دولار والمصارف التجارية تحمل حوالي 14 مليار دولار من اليوروبوند).علما أن المصارف باعت جزءا مهما من السندت المستحقة بخسارة للتخلّص منها مع انتشار جو من توجه الدولة الى وقف السداد.

ويبقى أكثر مما يوازي 55 مليار دولار من "الدين الحكومي" بالليرة اللبنانية على شكل سندات خزينة، اذا اعتمدنا مجموع ال85 مليار دولار دين عام 2019، لأن "الدين العام" يفترض أن يشمل جميع ديون المؤسسات العامة والفواتير غير المدفوعة للضمان الاجتماعي والمستشفيت العامة والمقاولين...

وعلى الرغم من أن دراسة استدامة الدين العام ترتكز بشكل عام على مؤشر الدين العام/الناتج الحلي، وهو يتخطى في لبنان عتبة 160% فيما وفق المعايير الدولية، تتطلّب استدامة الدين ألا يتخطى هذا المعدل 60% الى 80% من الناتج المحلي الإجمالي. إلا أن تسليط الضوء بشكل خاص على الدين بالعملة الأجنبية فهو يعود لكون لبنان قادر نظريا بأقسى الأحوال اللجوء الى المصرف المركزي لطباعة العملة الوطنية وتسديد الدين بالليرة اللبنانية حتى لو أدى ذلك الى المزيد من التضخّم، ، إلا أن الأزمة الكبرى تبقى بالدين بالعملة الأجنبية التي تحتاج الى توفر العملة الأجنبية وتأمين استمرارية إستقطابها في حين أن لبنان يشهد تدهورا بميزان المدفوعات (ما عدا كمية الدولارات التي اجتذبتها المصارف للمشاركة بالهندسات المالية لاسيماعام 2016 لشراء اليوروبوند وشهادات إيداع المصرف المركزي بالعملة الأجنبية ).

لنفترض أن الناتج المحلي اللبناني يقارب 50 مليار دولار، فيكون من الضروري ألا يتخطى الدين العام بعد إعادة هيكلته ال 40 مليار دولار، أي اقتطاعا بين 55% و60% علما أن الهم الأساسي يبقى في تخفيض حصة الدين بالعملة الأجنبية.

ويلاحظ في التصنيف الائتماني الذي تقدّمه مؤسسات التصنيف العالمية ومن أبرزها مؤسسات

Fitch, Moody’s and Standards & Poor’s

تخفيض وكالة "فيتش" مؤخرا تصنيف لبنان الى تصنيف ديون ​لبنان​السيادية بالعملة الاجنبية من "CC" الى "C" ما يعني ان ​الدولة​ باتت على اعتاب اعلانها دولة متعثرة في حال وصل التصنيف الى "D". ويأتي ذلك عقب إعلان الحكومة انها لا تنوي دفع سندات "اليوروبوندز" التي استحقت في التاسع من اذار والتي تبلغ قيمتها 1.2 مليار ​دولار​. وبحسب الوكالة، سيؤدي عدم دفع المستحقات خلال فترة السماح البالغة 7 ايام، الى وضع الدولة مع سنداتها في دائرة التعثّر.

ويتبيّن بالتالي التأثير المباشر لهذه التصنيفات على كل دولة ترغب في الاقتراض من الخارج لأن تصنيفها يعكس قدرتها على سداد هذا الدين، وكلما اانخفض التصنيف الائتماني كلما ارتفعت تكلفة الإقراض، أي عمليا نسبة الفوائد المطلوبة على السندات ليقبل المستثمرون بالمخاطر بشرائها... من هنا نفهم أن الفوائد على هكذا إصدارات تكون نتيجة المخاطرة وليس سببا لها! فلا يمكن لدولة أن تصدر سندات وتسوقها في الخارج بفوائد منخفضة في ظل تسجيلها عجزا ماليا متزايدا وتراكما للدين العام وزيادة لحصة الدين بالعملة الأجنبية (لمحاولة تخفيض خدمة الدين السنوية كون الفائدة عليه أقل من الفائدة على الليرة اللبنانية) في حين تراكم هذه الدولة عجزا في ميزان المدفوعات أي خروجا صافيا سنويا للعملة الأجنبية من اقتصادها وتراجعا في احتياطاتها بالعملة الأجنبية!

كما أن التقييم التي تمنحه أي مؤسسة لدولة يظل مرجعاً داخل عند تقييم سندات الخزينة بالعملة الأجنبية للبلد المعني والمخاطرة في الاستثمار فيها والظروف الاقتصادية العامة والتغييرات التنظيمية والاضطرابات السياسية المؤثرة بالمناخ الاستثماري...وتبين توازي تطوّر أسعار سندات لبنان مع مجمل هذه العوامل السياسية والاقتصادية في هذا الرسم البياني لوكالة بلومبرغ

كما يرافق تقييم أي دولة توقعات حول أدائها المستقبلي ففي حالة أن كانت النظرة سلبية فمعنى ذلك أن الوكالة تراقب عن كثب أداء تلك الدولة لتقديم تقييم شامل لها.

وهنا يبرز السؤال الأول من جملة الأسئلة المطروحة في مرمى "الاقتطاع"، كم ستكون نسبة الاقتطاع لاسيما في ما يتعلّق بالدين بالدولار؟ أي كم ستكون خسارة المكتتبين باليوروبوند؟

السؤال الثاني، كيف سينعكس هذا الاقتطاع تحديدا على النظام المصرف (مصرف لبنان والمصارف) التجارية التي تحمل جزءا كبيرا منها؟ وهل تتمكّن المصارف اللبنانية من امتصاص الخسارة بفضل رساميلها الخاصة التي تبلغ 20 مليار دولار ومن المتوقع مع اصرار المصرف المركزي على زيادة رسملتها أن تبلغ حوالي 24 مليار دولار في نهاية العام؟ حسابيا اذا كانت تحمل يوروبوند بحوالي 15 مليار واقتطع منها حوالي 8 مليارت دولار يبقى الموضوع محمولا...ولكن مع الاقتطاع الشامل على مجموع الدين بالليرة اللبنانية والدولار الأميركي تصبح الخسارة أكبر.. ولكن السؤال الأهم حتى لو أبقينا البحث محصورا بهم الديون بالعملة الأجنبية، فلا بد من الاشارة الى أن انكشاف السيادي للمصارف لا ينحصر باكتتابها باليوروبوند إنما يتخطاه لما هو أكبر حجما وأكثر تعقيدا وهو الدولارت المودعة من المصارف لدى المصرف المركزي بين 18 مليار دولار احتياطي الزامي (15% من مجموع الودائع بالدولار الأميركي التي كانت مقدّرة بحوالي 120 مليار دولار) وحواي 52 مليار دولار ودائع حرة وشراء شهادات ايداع بالدولار الأميركي تشكّل التزامات بالعملة الأجنبية على المصرف المركزي وفق وكالة بلومبرغ..

وفي حين كان مصرف لبنان المركزي قد أعلن في نهاية شباط أن قيمة الاحتياطي من العملات الأجنبية لديه يبلغ 35.8 مليار دولار، منها 5.7 مليار دولار يوروبوند، أي حوالي 29 مليار دولار بدون اليوروبوند وقد استخدم 7 مليارات منها لإعطائها للمصارف" لتلبية التزاماتها، فلا يكون تبقى أكثر من 22 مليار دولار. كما أن ما يحمله المصرف المركزي من يوروبوند بحوالي 5.7 مليار دولار سيكون خاضعا بدوره للاقتطاع المحتمل...هذا أيضا دون التطرّق للمبالغ المودعة بالليرة اللبنانية والتي تم تحمل أيضا المصارف اكشافا سياديا عليها...

أما مع صعوبة امتصاص المصارف لمجمل هذه الخسائرالمحتملة، بين الاقتطاع على الدين العام وبشكل خاص الخسارة المنتظرة على اليوروبوند وأزمة ودائعها بالدولار الأميركي لدى المصرف المركزي، من خلال رساميلها الخاصة أي من المساهمين في المصارف ، يصبح السؤال المقلق للمودعين حول ما يمكن أن يطلب منهم؟

(bail-in) " ومع الحرص على حقوق المودعين، يبقى الممكن أن يطرح عليهم هو ما يعرف "إنقاذ داخلي للمصارف من أموال المودعين، على النحو الذي جرى في قبرص إبان أزمة الديون اليونانية، أي اللجوء الى كبار المودعين لعرض مشاركتهم بجزء من ودائعهم بتعويم المصارف أي المساهمة فيها للحفاظ عليها وعلى حقوقهم أولا عبر استمرارية القطاع الأساسي لكل عملية إنقذ للاقتصاد الوطني واستعادة جميع الحقوق واحياء عملية التمويل لمجمل الدورة الاقتصادية...

وهنا أيضا جملة أسئلة أهمّها: أي مبلغ سيطلب تأمينه من أموال المودعين عبر شرائهم لأسهم في المصارف؟ وأي شريحة من المودعين يمكن أن تعرض عليم هذه المساهمة؟ بمعنى آخر، ابتداء من أي مبلغ وديعة يمكن اعتبار زبون المصرف من كبار المودعين فيه؟ وهل ستعرض نفس النسبة للمساهمة على جميع المودعين أصحاب الودائع التي تفوق السقف المطروح أما ستكون النسب تدريجية تصاعدية؟ وما سيكون مصير من يعتبر من صغار المودعين ولا يشارك في عملية المساهمة في المصرف؟ هل سيتم تحرير وديعته بالعملة الأجنبية أم وفق شروط أخرى أم سيعرض عليها تجميدها وأيضا وفق أي شروط؟

يبقى القول أن مقابل تشخيص الوضع من جهتي المالية العامة والجهاز المصرفي بات واضحا، ولو أن توزيع الخسائر يطرح علامات استفهام كثيرة. ولكن ثمة آفاقا أبعد تحتاج اليحث أيضا بأولويات إعادة الهيكلة، هل تبدأ بالدين العام حصرا؟ أم تتطلّب توازيا تبدأ إعادة هيكلة القطاع المصرفي بحيث يعرف مسبقا في أي مشهد مصرفي يمكن أن يطرح على المودعين المساهمة في عملية الانقاذ المنتظرة؟

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
باحثة وأستاذة محاضرة في جامعة القديس يوسف في لبنان
عضو منذ: 24/09/2016
عدد المشاركات: 71