الجمعة 19 رمضان 1445 الموافق مارس 29, 2024
 

التطبيق العملي لتقرير التنمية في العالم: إحداث تحول في المعايير من خلال الشباب . الكاتب : BLAIR GLENCORSE

الثلاثاء, 16 أغسطس, 2016

سألنا أحد الشباب الناشطين في المجتمع المدني خلال مناقشة جماعية أجريت مؤخرا، "ما فائدة القانون إذا كانت القوانين تهمل أو يضرب بها عرض الحائط تماما؟" بدأنا نوضح أن القانون يوفر إطار عمل يمكن من خلاله كبح جماح النفوذ والسياسات المطبقة- إلا أن الحديث تحول بالفعل إلى سجال صاخب ويائس عن شتى الطرق التي يسيء بها المشرعون استخدام سلطاتهم، ويسرقون أموال الناس ويقوضون الإدارة الرشيدة بالقانون نفسه.

يركز تقرير التنمية في العالم 2017 على العلاقة بين الإدارة الرشيدة والتنمية، مع إدراك مهم لضرورة ألا ينصب تفكيرنا فقط على القوانين ولكن أيضا على المعايير. في النهاية، وحيث تتنافى القواعد مع المعايير السائدة، فإن هذا التنافر هو الذي يفسح المجال للفساد، والمحسوبية وسوء السلوك. فإذا لم يكن دفع الرشوة عملا غير مشروع في نظر المواطن والمسؤول، على سبيل المثال، بل ثمن للحصول على خدمة عامة، فإن الرشى ستستمر.

إذا أردنا سد هذه الفجوة- والانتقال بالمعايير نحو المساءلة والإدارة الرشيدة مع مرور الوقت- فعلينا أن نبدأ بالشباب. لماذا؟ لأسباب وجيهة- الأرقام المجردة أحد هذه الأسباب. إذ أن أكثر من نصف سكان العالم اليوم تقل أعمارهم عن 35 عاما. في أفريقيا، يقدر متوسط العمر بأقل من عشرين عاما، وهذه شريحة بات صوتها أعلى من ذي قبل.

كما أن شباب اليوم أفضل اتصالا مما سبق على الإطلاق، من خلال أدوات تتيح لهم التحدث مع بعضهم البعض، والتبادل والتضامن. وقد أصبح نحو 70 في المائة تقريبا من مستخدمي الإنترنت في العالم على الفيس بوك. ويوفر هذا منظورا غير مسبوق للمقارنة بين مختلف المجتمعات، وتربة خصبة لوضع معايير مشتركة.

وأخيرا، فإن، وأقل اهتماما بمواصلة هذه الصلات من أي جيل سبق. مناقشاتنا مع جيل الألفية الجديدة في مختلف أنحاء العالم عبر مختبر المساءلة تشير بقوة إلى أن غايتهم ليست أن يكونوا جزءا من نظام فاسد بل بالأحرى سببا في تغييره. فهم يرغبون بإلحاح في إطلاق نظم جديدة تقدم الكفاءة على المحاباة، والأمانة على النفاق.

لكن كيف يمكننا بالضبط مؤازرة الشباب في سعيهم إلى خلق هذه المعايير؟ إنها عملية طويلة الأمد تتطلب توجها مختلفا للغاية نحو نماذج التنمية في الماضي وإدراكا بأنه ليس هناك من طرق مختصرة. في المختبر، نستخدم خمسة مبادئ رئيسية:

1. قابلهم أينما كانوا- هذا يعني استخدام أنماط أفضل وشتى من البيانات لفهم الشباب (القليل من المسوح والإحصائيات، والمزيد من المنطق في الخطاب، والتنقيب في وسائل التواصل الاجتماعي.) كما يعني الربط بين نظم الإدارة والثقافة الشعبية بأساليب منطقية- أي التواصل معهم، ليس من خلال تدريبات ومعلومات وحلقات عمل ثقيلة، بل من خلال الأفلام والموسيقي والعروض المسرحية والحملات على الإنترنت. تلك هي الأدوات التي تحدث تحولا في المعايير.

2. ابحث عن الشخصيات المؤثرة وادعمها- يسميهم تقرير التنمية في العالم "صناع المعايير" وفي ساحة المساءلة نسميهم نحن بتحديد أكثر "صناع المساءلة". هؤلاء هم الشخصيات الرئيسية داخل مجتمع معين ممن يتمتعون بالثقة، ويمكن تشجيعهم على انتهاج سلوكيات وتوجيه رسائل تمثل نموذجا يحتذيه الآخرون. ينبغي معايرة الدعم المقدم لهؤلاء المؤثرين بعناية- الصدق شيء أساسي- لكنه يمكن أيضا أن يتضمن، على سبيل المثال، جهودا خلاقة لدعم الفنانين التصويريين وفناني الراب، والمدونين والمواطنين الصحفيين.

3. بناء خطاب إيجابي- توجيه الاتهامات والصراخ في وسائل الإعلام حول الفساد قد يكون ضروريا في بعض الأحيان إلا أنه لا يجدي نفعا في بث الأمل في المستقبل في نفوس الشباب. وهذا يؤكد المعيار السائد بأن الفساد مرض متوطن. التواصل مع الشباب بشأن هذه القضايا يتطلب خطابا إيجابيا- خطاب يستشرفون من خلاله مستقبلا أفضل يستطيعون المساعدة في بنائه. وهذا يعني تمجيد ما يفلح وتعميمه، والتأكد من ربط المصلحين ببعضهم البعض، و"تسمية وتكريم" المشهود لهم بالأمانة والنزاهة.

4. تعبئة وسطاء المعلومات – كانت حركة البيانات المفتوحة والشفافية تحركا ثوريا للإدارة الرشيدة، إلا أن الكثير من المعلومات يظل بعيد المنال أو مستعصيا على الفهم من قبل أغلب المواطنين. وكما قال نيخيل داي من مركز مازدور كيسان شاكتي سانغاثام MKSS بالهند، إننا نطالب "بالحق في الحصول على المعلومات مبسطة." الشباب هم وسيط المعلومات المهم الذي يستطيع أن يفسر ويترجم ويجمع هذه البيانات بطريقة منطقية يمكن أن تحدث تحولا حقيقيا في المعايير. الرسوم البيانية المفيدة كتلك التي تضعها مبادرة BudgIT لتبسيط الميزانية في نيجيريا هي جزء من هذا؛ وكذا الأفكار الأقل تقنية، كالحملات الجدارية المستندة إلى البيانات أو سبورة المواطن.

5. بناء حركة- كثيرا ما تتسم الجهود الرامية إلى دعم الإدارة الرشيدة والقانون في سياق معين بالبؤس والتفكك. وكما يوضح تقرير التنمية في العالم، فإن هذه عمليات سياسية تبدو الأساليب الفنية قصيرة الأمد-كبناء المنظمات وإرساء القواعد- غير كافية لها. تحويل المعايير ينبغي أن يكون بحق حركة جيل تتطلب دعما جماعيا مستقيما على المدى الطويل. وهذا أيضا يعني العمل الحقيقي لبناء مجتمعات المساءلة والنزاهة التي يمكن أن يؤازر بعضها البعض وتتبادل الأفكار وتفهم كيف تتعلم وترتقي. وتشارك منظمات، مثل Rhize و تنمية لا تهدأ، في القيام بهذا مع الشباب وبطرق ذكية.

الإدارة الرشيدة هي أداة تتألف من طبقات متقاطعة من القواعد والحوافز الرسمية وغير الرسمية. وإذا أردنا أن نصمم المعايير بحيث نضمن تطابق السلوكيات والقواعد، فعلينا أن نعمل مع الشباب بطرق أكثر ابتكارا وصبرا ومنطقية. ويشهد البنك الدولي ومنظمات إنمائية أخرى تحسنا كبيرا في هذا الصدد- بيد أنه سيظل دوما هناك الكثير مما لا يستطيعون القيام به نظرا لقصور التفويض والهياكل والأدوار المنوطة بهم. نحتاج إلى العمل الآن لكي نجد "صناعا للمساءلة" حقيقيين في مجتمعات تستطيع أن تستخدم أدواتها للانتقال بالتفكير الجماعي وبناء حركة إيجابية من أجل الإدارة الرشيدة.

المصدر: البنك الدولي .

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
الشبكة السعودية للمسؤولية الاجتماعية
إدارة الشبكة