المسؤولية الاجتماعية للإعلام:
ـ الاعلام هو السلطة الرابعة وهو المراءة التي ينعكس من خلالها الحراك الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للمجتمع ، ويعد وسيلة من وسائل التنشئة الاجتماعية وتشكيل الرأي الجمعي وتوجيه الافراد والمجتمعات والتأثير فيهم وعرض القضايا المحلية والعالمية ومناقشتها وهو خط الدفاع الأول عن الوطن فالإعلام القوي له سطوته وهيبته.
كما انه في الوقت نفسه سلاح ذو حدين إذا اسيء استخدامه ولم يستخدم بشكل ذكي وفعال يتسم بالمسؤولية والدقة والموضوعية فيتحول من معول بناء إلى معول هدم للقيم والمبادئ والأخلاق.
لذلك ظهر في وقت سابق نظرية المسؤولية الاجتماعية في الاعلام وكان الهدف منها وضع ضوابط أخلاقية للعملية الإعلامية وكان أول ظهور لها في الولايات المتحدة الامريكية بعد الحرب العالمية الثانية حيث أدى الانفتاح الإعلامي الى وجوب وضع معايير وضوابط مهنية وأخلاقية تحكم العمل الإعلامي كردة فعل لنظرية الحرية التي كانت سائدة في ذلك الوقت للتوفيق بين الحرية الإعلامية وبين المسؤولية الاجتماعية للإعلام والانتقال من الحرية المطلقة إلى الحرية المسؤولة التي تتسم بالمسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع.
وذلك من خلال الالتزام بالمعايير المهنية من حيث الدقة والموضوعية وعرض الآراء المختلفة تجاه القضايا التي يتم تناولها بكل حيادية ومصداقية، وتجنب كل ما يؤدي الى نشر العنف والفوضى ونقل الاشاعات واثارة التعصب، والعمل على ترسيخ قيم المجتمع والالتزام بقيمه الاجتماعية والدينية ،وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.
هذا الامر برمته ينسحب على ما يسمى بالإعلام الجديد والمتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي والتي أصبحت منصات إعلامية فاعلة ومؤثرة ولا نبالغ إن قلنا بانها باتت الأكثر متابعة والأكثر تأثيرا بل اخذت في سحب البساط من تحت اقدام الاعلام التقليدي.
إن المتتبع لهذا الاعلام الجديد المتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة يقف مندهشا من الكم الهائل من الاسفاف والانحطاط الفكري والأخلاقي والمحتوى المتدني غير المسؤول الذي ينشر من قبل بعض ما يسمون بمشاهير التواصل الاجتماعي الذين أساءوا استخدامها بتفاهاتهم وتجاوزاتهم غير المسؤولة التي ينشرونها عبر هذه المنصات الإعلامية .
اننا بشكل أو بآخر نساهم في هذا العبث ونتحمل جزء المسؤولية من خلال متابعتنا لهم والحديث عنهم وعن يومياتهم وتفاهاتهم ، لذلك فإنه يقع على عاتقنا كمتلقين مسؤولية اجتماعية.
وتتمثل هذه المسؤولية التي ينبغي ان نضطلع بها للقضاء على هذه الظاهرة التي بدأت تهدد المنظومة القيمية المجتمعية بالرقابة الذاتية على انفسنا سواء كنا أفراد ،أو منظمات ،وذلك بعدم متابعة هؤلاء المشاهير أو الحديث عنهم أو استضافتهم في المناسبات الخاصة أو العامة أو اعطائهم الفرصة لعمل الإعلانات أو الظهور في وسائل الاعلام لأنها تضفي عليهم شرعية لا يستحقونها وترفع من مكانتهم لدى المتابعين وتساهم في صناعة وتحويل هؤلاء التافهين إلى نجوم ومشاهير على حساب قيمنا ومبادئنا وعاداتنا.
د. نايف بن سراج الهذلي