الأربعاء 15 شوال 1445 الموافق أبريل 24, 2024
 

الجزاء في المسؤولية الاجتماعية للمنظمات

السبت, 11 مايو, 2019

.
عند الحديث عن المسؤولية الاجتماعية للمنظمات يجول في أذهان الجميع -لاسيما الذين هم مازالوا في طور البحث عن مفهومها- تساؤل حول الجزاء في المسؤولية الاجتماعية.

لو تمعنا في الأمر جيدا فسنجد أن الجزاء في مواجهة المسؤولية الاجتماعية يتواجد خارج إطارها، ولكن هذا لا ينفي إلزاميتها .. فليس من الضروري دائما اقتران المسؤولية بالجزاء.

إن عدم تبني المسؤولية الاجتماعية يؤدي إلى جزاءات غير مباشرة وقد تكون بعيدة المدى، وبالتالي فالجزاءات غير مقترنة بالمسؤولية الاجتماعية أثناء وجودها، وإنما تحل محلها عند غيابها.

بمعنى أنه مع وجود المسؤولية الاجتماعية يختفي الجزاء وبالتالي –مبدئيا- هو لا يعد ركنا لازما من أركانها. وهذا لسببين:

-----------الأول يتمثل في عنصر الطواعية؛ وبالتالي لا يعقل للمنظمة التي لها حرية الاختيار في انتهاج سياسة المسؤولية الاجتماعية، أن تلزم نفسها لو كان هناك جزاء على مخالفتها. حيث لا نتصور أن المنظمة ستختار طواعية توقيع عقوبات عليها. وبالتالي إذا ما بادرت إلى هذا الأمر فهي بالفعل مسؤولة اجتماعيا قبل حتى أن تتبع رسميا هذه السياسة.

-----------والثاني يتمثل في السمة الوقائية التي تتصف بها المسؤولية الاجتماعية؛ إذ أن الغرض المباشر من اعتناق المسؤولية الاجتماعية هو تجنب وقوع أخطاء وبالتالي تفادي ترتيب جزاءات.

سيظهر لنا بادئ ذي بدء من خلال ما تقدم، أن نهج المسؤولية الاجتماعية يجنب المنظمات فرض عقوبات عليها، ولكن هذا الأمر سيكون حين يصل هذا النهج إلى أسمى الدرجات وأعلى المراتب، وهذا بطبيعة الحال مستحيل لأن المنظمات ليست معصومة عن الخطأ، بل وستزداد أخطاؤها -حتى رغما عنها- مع الأيام القادمة وما تحمله من تضخيم في المنافسات والسعي بأنانية وراء الكسب.

وعليه؛ يبدو جليا الآن بعد هذا الطرح أن الجزاء هو ركن متغير، يُفترض عدم وقوعه حين تتبنى المنظمة المسؤولية الاجتماعية بشكل جيد وسليم، ومن جانب آخر يظهر الجزاء حين تحيد المنظمة عن الطريق الصحيح، وظهوره هذا يكون من جانب المنظمة ذاتها التي قامت بخرق القواعد انطلاقا من مبدأ الرضا بالجزاء وتقبل تصحيح الأخطاء والتعهد بعدم الرجوع إليها، وليس بعد مطالبة صاحب المصلحة المتضرر. كما يمكن القول أن الجزاء يتواجد بصورة احتياطية في البعد الخيري، وبصورة إلزامية في البعد القانوني للمسؤولية الاجتماعية.

وكنتيجة؛ ستنادي المسؤولية الاجتماعية مستقبلا مختلف المنظمات بأن يتم ربطها بالجزاء، وأن يكون ركنا قائما فعليا فيها بين الطواعية والإلزام. وذلك بألا تطيل النظر إلى المسؤولية الاجتماعية على أنها اختيارية، بل إجبارية مقترنة اقترانا قانونيا بالجزاء.

رأي شخصي
بقلم: أ. بورزيق خيرة

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
أستاذة جامعية، محامية، ودكتورة باحثة في مجال المسؤولية الاجتماعية
عضو منذ: 12/03/2018
عدد المشاركات: 24