الجمعة 19 رمضان 1445 الموافق مارس 29, 2024
 

عشرة تحديات للمسؤولية الإجتماعية في لبنان

الجمعة, 21 أكتوبر, 2016

صعوبات تطور المسؤولية الاجتماعية لمؤسسات في لبنان

د. سهام رزق الله

(أستاذة باحثة في كلية العلوم الإقتصادية

في جامعة القديس يوسف – بيروت)

المسؤولية الإجتماعية للمؤسسات مفهوم جديد يحاول أن يشق طريقه منافسا بقوة المفاهيم الإقتصادية التقليدية الساعية لتحقيق أعلى معدّل أرباح للمؤسسات أي يكن وقع نشاطها على مختلف العملاء الاقتصاديين من النواحي الاقتصادية-الاجتماعية-البيئية.

25 أيلول هو اليوم العالمي المعتمد للمسؤولية الاجتماعية الأول عام 2016 بعد أن تم إعلانه في ديسمبر 2015 خلال الملتقى الإقليمي الثاني للسفراء الدوليين للمسؤولية الاجتماعية الذي نظمته الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية في الفترة من 27 الى 28 من كانون الأول 2015 تحت شعار "أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 الطريق الى عالم أفضل" وذلك كمبادرة من الشبكة الاقليمية للمسؤولية الإجتماعية دعما لجهود الأمم المتحدة في نشر أفضل الممارسات في مجال المسؤولية المجتمعية.

في لبنان، لا يزال مفهوم المسؤولية الاجتماعية يتقدّم ببطء نظرا لاعتماده على المبادرة الحرة والطوعية للمؤسسات دون أي قيد أو رقابة أو تقدير أو تشجيع أو حوافز غير المنافسة بين المؤسسات نفسها على تلميع صورتها إزاء المستهلكين لزيادة حصتها في السوق ليس إلا. الأمر الذي يجعل نمو المسؤولية الاجتماعية خجولا في لأسباب عديدة يمكن تلخيصها كالتالي:

1) مبادرات غير مؤطرة وتطوعية: جميع مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات والخطوات التي قامت بها الشركات اللبنانية اتخذت بشكل طوعي و حرّفي ظل غياب أي توجيه أو إرشاد أو اشراف من قبل الادارات الرسمية.
2) ضعف المعلومات والبيانات حول المسؤولية الاجتماعية للشركات في لبنان: غياب المعلومات بغياب أي مؤسسة رصد للمعلومات المتصلة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات في لبنان سواء في القطاع الخاص أو من حيث القطاع العام. ..
3) غياب أي توجيه نحو القطاعات التي تحتاج التدخل الاجتماعي للمؤسسات فيها، مما يحصر من مشاريع المسؤولية الاجتماعية للشركات في مجالات محددة (التعليم، الصحة، البيئة ..)
4)غياب الضغط من جانب أصحاب المصالح لتطوير المسؤولية الاجتماعية للشركات (المستهلكين، العاملين، المستثمرين، الإعلام، النقابات...)
5) عدم وجود حوافز من الدولة لتشجيع تطوير المسؤولية الاجتماعية للشركات (مثل تخفيض الضرائب أو تقديم قروض بفوائد مخفّضة للمؤسسات المسؤولة إجتماعيا...
6) غياب أي تقييم للجهود المبذولة من قبل بعض المؤسسات في مجال المسؤولية الاجتماعية أو عربون أو شهادة تقدير تميزها عن سائر المؤسسات المنافسة لها في قطاعاتها.
7) عدم وجود قانون أو أي نوع من التشريعات التي تشجع على التعاون بين القطاعين العام والخاص لتشجيع بعض مبادرات القطاع الخاص مثل المسؤولية الاجتماعية للشركات، لاسيما بعد تأخير بت اقتراح القانون المتعلّق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.
8) افتقاد أطر الحوار بين القطاع الأكاديمي والقطاع المهني من جهة وبين القطاعين العام والخاص من جهة أخرى حول المسؤولية الاجتماعية للشركات.
9) ضعف حملات التوعية في وسائل الإعلام حول المسؤولية الاجتماعية للشركات التي لا تزال مغمورة.
10) ندرة برامج تبادل الخبرات مع الشركات المتعددة الجنسيات في مجال المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات بغية تسهيل سبل الالتزام بالمعايير الدولية المتصلة بها تدريجيا.

ويبقى القول أن مفهوم "المسؤولية الإجتماعية للمؤسسات" لا يزال الى حد ما جديدا ويثير بعض الحذر في الأوساط الإقتصادية القلقة من انعكاساته على تكلفة الإنتاج وآلية احتساب المردود، خاصة عندما تقترن التكاليف بمردود يتخطى الإطار المادي البحت (ليقترن بسمعة وصورة المؤسسة، حسها الإجتماعي مع المعوزين، حرصها على البيئة والسلامة العامة وأخلاقيات المنافسة الشريفة...). إلا أن بيت القصيد يبقى في في أن الإقتصاد هو قمة العلوم الإجتماعية وليس في حالة صراع مع الشأن الإجتماعي، إلا أن زخم قدرته على المساهمة في العمل الإجتماعي يبقى رهن المردود الذي يحققه جراء إنتاجية عماله وفعالية مؤسساته ومدى احترام الدولة والمجتمع على السواء بحرية المبادرة والربح فيه بعيدا عن التكبيل والفرض الذي يصوّر المسؤولية الإجتماعية عبءا بدلا من أن تكون إحدى المبادرات التي تنطلق من الإقتصاد المسؤول وتعود بالخير عليه. وعلى الرغم من الصعوبات المذكورة، تجدر الاشارة الى أن القطاع الخاص لا يزال مبادرا في لبنان لا بل ساعيا للتعويض عن أي تقصير رسمي بحق المجتمع الذي يعمل ويربح ويتطوّر فيه.
____________________

مقال
لمشاهدة ملفات الدراسات، نأمل تسجيل الدخول, أو تسجيل عضوية جديدة
بواسطة:
باحثة وأستاذة محاضرة في جامعة القديس يوسف في لبنان
عضو منذ: 24/09/2016
عدد المشاركات: 71