كثير من ممارسات البشر تقود إلى استنزاف البيئة والإضرار بها ما لم تضبط بالأنظمة والتشريعات. البعض منا لا يرى تأثيرا كبيرا منه في نظافة الكوكب من حولنا أو البيئة، وهذا منبع الخطورة. الجميع مسؤول وتقع عليهم أمانة الإحسان للبيئة وحسن استغلالها بما لا يؤثر في حقوق بقية البشر أو الكائنات الحية أو الأجيال القادمة. بنظرة سريعة لشواطئنا أو منتزهاتنا السياحية نرى ما يتنافى مع ثقافتنا الإسلامية ومع تعاليم الدين الحنيف، بل إن الأمر أصبح لا يحرك فينا ساكنا.
غياب الوعي أحد أهم الأسباب لذلك، غياب التوجيه وصناعة المبادرات البيئة من مؤسسات المجتمع المدني، ومن مؤسسات القطاع الخاص التي يجب أن تسهم في حل المشكلة من باب المحافظة على البيئة وتحقيق مسؤولياتها الاجتماعية تجاه تحقيق الاستدامة البيئة التي استؤمنا عليها.
في هذا المقال سأتحدث عن تجربة بريطانيا في استخدام الأكياس البلاستيكية في المحال التجارية، وكيف أن التشريعات تسن لمعالجة قضايا تهم المجتمع، ومدى التزام الشركات وتفهم المجتمع لضرورة التطبيق الجيد من أجل تحقيق الفائدة العامة. وفقا لموقع GoV.Uk في تقديمها لهذا المخطط أن يستهدف تشجيع المتسوقين على استخدام عدد أقل من الأكياس البلاستيكية والتشجيع على استخدام بدائل أخرى من ضمنها الأكياس ذات الاستخدام المتعدد. ومن الأسباب خلف ذلك أنه في عام 2014 تم استخدام أكثر من 7.6 مليار كيس بلاستيكي تستخدم مرة واحدة للعملاء عن طريق محال السوبر ماركت الكبرى في إنجلترا. هذا يعني أن كل مواطن حصل على 140 كيسا بلاستيكيا تقريبا، أي ما يعادل نحو 61 ألف طن. ومن المعلوم أن هذه الأكياس تستغرق وقتا أطول لتتحلل في البيئة، بخلاف الخيارات الأكثر أمانا. وهذا سيتسبب في فقد كثير من الحيوانات البرية، كما أنها تسيئ للمنظر العام في المدن والحدائق والأرياف.
أشارت الدراسات إلى أن متوسط عدد الأكياس البلاستيكية حول المنازل يبلغ 40 كيسا، وقد ارتفع العدد المستخدم من قبل محال السوبر ماركت والمحال التجارية. ومن خلال فرض رسم مالي بسيط يعادل 5 بنسات للكيس الواحد يتوقع أن ينخفض استنزاف الأكياس البلاستيكية بنسبة تصل إلى 80 في المائة في محال السوبر ماركت و50 في المائة على بقية المحال التجارية.
من نتائج هذا البرنامج في مقاطعة ويلز تم خفض استهلاك الأكياس البلاستيكية بنسبة 79 في المائة في أول ثلاث سنوات. ويتوقع على مدى السنوات العشر التالية أن تتحقق الفوائد التالية: سيحقق الاقتصاد البريطاني ما يقارب 780 مليون جنيه استرليني (ما يزيد على مليار دولار)، نحو 730 مليون جنيه سيتم توفيرها للمشاريع الخيرية والتطوعية (960 مليار دولار)، خفض تكاليف تنظيف النفايات بما يقارب 60 مليون جنيه، خفض انبعاث الكربون بما يعادل 13 مليون جنيه.
لماذا اعتبر هذا الموضوع من ضمن برامج المسؤولية الاجتماعية للشركات الموجهة من قبل الحكومة، لأن الحكومة تحث الشركات المنفذة على استغلال دخل بيع الأكياس البلاستيكية بعد خصم الضرائب والتكاليف الإدارية للمشاريع التطوعية في مناطقها. مجموعة السوبر ماركت تيسكو توقعت أن تجمع نحو 30 مليون جنيه من بيع الأكياس البلاستيكية ستوجه قيمتها الصافية إلى مشاريع تدعم حماية البيئة.
الفوائد هنا يمكن ألا تحصر من تنظيمات وتشريعات هكذا تحافظ على البيئة، توجه السلوك البشري للاستخدام الأمثل والاقتصادي، تدعم الشركات في تبني المشاريع التطوعية وإثراء المؤسسات الخيرية من أجل مزيد من العمل التطوعي وبهذا تكون الفوائد أكبر وأكثر تأثيرا من مجرد فرض الرسوم.
http://www.aleqt.com/2016/08/24/article_1080368.html
